responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 11  صفحه : 259
غُلْفًا جَمْعُ أَغْلَفَ وَهُوَ الْمُتَغَطِّي بِالْغِلَافِ أَيْ بِالْغِطَاءِ، وَالْمَعْنَى عَلَى هَذَا أَنَّهُمْ قَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَغْطِيَةٍ فَهِيَ لَا تَفْقَهُ مَا تَقُولُونَ، نَظِيرُهُ مَا حَكَى اللَّه فِي قَوْلِهِ وَقالُوا قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ وَفِي آذانِنا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنا وَبَيْنِكَ حِجابٌ [فُصِّلَتْ: 5] .
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْها بِكُفْرِهِمْ.
فَإِنْ حَمَلْنَا الْآيَةَ الْمُتَقَدِّمَةَ عَلَى التَّأْوِيلِ الْأَوَّلِ كَانَ الْمُرَادُ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ أَنَّهُ تَعَالَى كَذَّبَهُمْ فِي ادِّعَائِهِمْ أَنَّ قُلُوبَهُمْ أَوْعِيَةٌ لِلْعِلْمِ وَبَيَّنَ أَنَّهُ تَعَالَى طَبَعَ عَلَيْهَا وَخَتَمَ عَلَيْهَا فَلَا يَصِلُ أَثَرُ الدَّعْوَةِ وَالْبَيَانِ إِلَيْهَا، وَهَذَا يَلِيقُ بِمَذْهَبِنَا، وَإِنْ حَمَلْنَا الْآيَةَ الْمُتَقَدِّمَةَ عَلَى التَّأْوِيلِ الثَّانِي كَانَ الْمُرَادُ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ أَنَّهُ تَعَالَى كَذَّبَهُمْ فِي ادِّعَائِهِمْ أَنَّ قُلُوبَهُمْ فِي الْأَكِنَّةِ وَالْأَغْطِيَةِ، وَهَذَا يَلِيقُ بِمَذْهَبِ الْمُعْتَزِلَةِ، إِلَّا أَنَّ الْوَجْهَ الْأَوَّلَ أَوْلَى، وَهُوَ الْمُطَابِقُ لِقَوْلِهِ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْها بِكُفْرِهِمْ.
ثُمَّ قَالَ: فَلا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا أَيْ لَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا بِمُوسَى وَالتَّوْرَاةِ، وَهَذَا إِخْبَارٌ مِنْهُمْ عَلَى حَسَبِ دَعْوَاهُمْ وَزَعْمِهِمْ، وَإِلَّا فَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ مَنْ يَكْفُرُ بِرَسُولٍ وَاحِدٍ وَبِمُعْجِزَةٍ وَاحِدَةٍ فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ الْإِيمَانُ بِأَحَدٍ مِنَ الرسل ألبتة.

[سورة النساء (4) : آية 156]
وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلى مَرْيَمَ بُهْتاناً عَظِيماً (156)
وَخَامِسُهَا: قَوْلُهُ: وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلى مَرْيَمَ بُهْتاناً عَظِيماً.
اعْلَمْ أَنَّهُمْ لَمَّا نَسَبُوا مَرْيَمَ إِلَى الزِّنَا لِإِنْكَارِهِمْ قُدْرَةَ اللَّه تَعَالَى عَلَى خَلْقِ الْوَلَدِ مِنْ دُونِ الْأَبِ وَمُنْكِرُ قُدْرَةِ اللَّه عَلَى ذَلِكَ كَافِرٌ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يَقُولَ: كُلُّ وَلَدٍ وُلِدَ فَهُوَ مَسْبُوقٌ بِوَالِدٍ لَا إِلَى أَوَّلٍ، وَذَلِكَ يُوجِبُ الْقَوْلَ بِقِدَمِ الْعَالَمِ وَالدَّهْرِ، وَالْقَدْحَ فِي وُجُودِ الصَّانِعِ الْمُخْتَارِ، فَالْقَوْمُ لَا شَكَّ أَنَّهُمْ أَوَّلًا: أَنْكَرُوا قُدْرَةَ اللَّه تَعَالَى عَلَى خَلْقِ الْوَلَدِ مِنْ دُونِ الْأَبِ، وَثَانِيًا: نَسَبُوا مَرْيَمَ إِلَى الزِّنَا، فَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ وَبِكُفْرِهِمْ هُوَ إِنْكَارُهُمْ قُدْرَةَ اللَّه تَعَالَى، وَبِقَوْلِهِ وَقَوْلِهِمْ عَلى مَرْيَمَ بُهْتاناً عَظِيماً نِسْبَتُهُمْ إِيَّاهَا إِلَى الزِّنَا، وَلَمَّا حَصَلَ التَّغَيُّرُ لَا جَرَمَ حَسُنَ الْعَطْفُ، وَإِنَّمَا صَارَ هَذَا الطَّعْنُ بُهْتَانًا عَظِيمًا لِأَنَّهُ ظَهَرَ عِنْدَ وِلَادَةِ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنَ الْكَرَامَاتِ وَالْمُعْجِزَاتِ مَا دَلَّ عَلَى بَرَاءَتِهَا مِنْ كُلِّ عَيْبٍ، نَحْوَ قَوْلِهِ وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا [مَرْيَمَ: 25] وَنَحْوَ كَلَامِ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ حَالَ كَوْنِهِ طِفْلًا مُنْفَصِلًا عَنْ أُمِّهِ، فَإِنَّ كُلَّ ذَلِكَ دَلَائِلُ قَاطِعَةٌ عَلَى بَرَاءَةِ مَرْيَمَ عَلَيْهَا السَّلَامُ مِنْ كُلِّ رِيبَةٍ، فَلَا/ جَرَمَ وَصَفَ اللَّه تَعَالَى طَعْنَ الْيَهُودِ فِيهَا بِأَنَّهُ بُهْتَانٌ عَظِيمٌ، وَكَذَلِكَ وَصَفَ طَعْنَ الْمُنَافِقِينَ فِي عَائِشَةَ بِأَنَّهُ بُهْتَانٌ عَظِيمٌ حَيْثُ قَالَ: سُبْحانَكَ هَذَا بُهْتانٌ عَظِيمٌ [النُّورِ: 16] وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الرَّوَافِضَ الَّذِينَ يَطْعَنُونَ فِي عَائِشَةَ بِمَنْزِلَةِ الْيَهُودِ الذين يطعنون في مريم عليها السلام.

[سورة النساء (4) : الآيات 157 الى 158]
وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَما قَتَلُوهُ وَما صَلَبُوهُ وَلكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّباعَ الظَّنِّ وَما قَتَلُوهُ يَقِيناً (157) بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً (158)
وَسَادِسُهَا: قَوْلُهُ تَعَالَى: وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ.

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 11  صفحه : 259
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست